على الرّغم من صدور خمس طبعات متتالية (ثلاث في بيروت واثنتان في فلسطين)، فإنّ هذا الكتاب في طبعته السّادسة الصّادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لا يزال يحتفظ بأهميّته النظريّة ككتاب مرجعيّ. وتكمن أهميّة هذا الكتاب اليوم في أنّه يصدر في خضمّ الثّورات العربيّة الرّاهنة التي أعادت الاعتبار إلى مفهوم المجتمع المدنيّ وفاعليّته ودوره. ويبحث الكتاب في فكرة المجتمع المدنيّ، والشّروط التاريخيّة لظهور هذه الفكرة خصوصًا انفصال المجتمع المدنيّ عن الدّولة، وكذلك مفاهيم الأمّة والقوميّة والمواطنة والدّيمقراطيّة، وهو كتاب نظريّ بالدّرجة الأولى حاول المؤلّف من خلاله مراجعة تاريخ الفكر السياسيّ الغربيّ في سياق التطوّرات الاجتماعيّة التي واكبته وأثَّرت فيه. والكتاب، إلى ذلك، تفكيك نقديّ لمفهوم المجتمع المدنيّ، بعدما صار رائجًا وشائعًا في الكتابات اليوميّة، الأمر الذي أدّى إلى انتزاع قدرته التفسيريّة وتأثيره النقديّ منه، وجعله متطابقًا مع المجتمع الأهليّ.